تحددت مشكلة البحث في كيفية بناء برنامج قائم على الذكاءات المتعددة لتنمية كل من المفاهيم العلمية وعمليات العلم والاتجاه نحو مادة العلوم لدى التلاميذ الصم بالصف الأول الإعدادي ؟ وقد تفرعت من المشكلة الرئيسية عدة أسئلة تبحث في كيفية إعداد قائمة بالأسس التي ينبغي في ضوئها بناء البرنامج لتقديم التصور المقترح لهذا البرنامج والبحث في كيفية تحديد نسب توزيع الذكاءات المتعددة لعينة الدراسة من التلاميذ الصم وبيان فعالية البرنامج المقترح في تنمية المفاهيم العلمية و عمليات العلم لدى التلاميذ الصم بالصف الأول الإعدادي واتجاهاتهم نحو مادة العلوم .
ولذا قام الباحثان بإعداد البرنامج المقترح القائم على الذكاءات المتعددة للتلاميذ الصم بالمرحلة الإعدادية حيث تم تحديد بعض الأسس* الواجب توافرها في كل من الأهداف والمحتوي والأنشطة التعليمية وإستراتيجيات التدريس وأساليب التقويم الخاصة ببرنامج العلوم الذي يدرسه التلاميذ الصم بالمرحلة الإعدادية ووضع الباحثان إطاراً ً للأهداف العامة للبرنامج ومحتواه وإستراتيجيات تدريسه وأساليب تقويمه في ضوء الأسس التي تم تحديدها وكذلك في ضوء الاستعانة بالمصادر المشار إليها أيضاً في تحديد هذه الأسس وقد أشتمل علي المفاهيم الرئيسية الآتية: الغذاء والصحة – المادة الحياة- الطاقة – الأرض والكون- البيئة – الكائنات الحية... ويندرج تحت مظلة كل مفهوم رئيسي عدة موضوعات موزعة في صورة وحدات علي الصفوف الثلاثة للمرحلة الإعدادية للتلاميذ الصم. وتم تحديد إستراتيجيات التدريس الملاءمة لكل ذكاء من هذه الذكاءات- عدا الذكاء الموسيقي – حتى يتمكن معلم علوم التلاميذ الصم من التدريس لهم بدءاً بإستراتيجيات الذكاءات الأقوى بغية استثمار نواحي القوي لديهم، والتي تعتبر مرتكزاً أساسياً لتنشيط الذكاءات الأخرى، وقد تم استخدام الإستراتيجيات الآتية: التمثيل الإيمائي –لعب الدور- الإستراتيجيات المعتمدة علي التصور البصري المكاني ومنها خرائط المفاهيم والصور والرسوم التوضيحية- التعلم التعاوني- التأمل الذاتي.في ضوء مفهوم الذكاءات المتعددة أيضاً، . واستخدام نوعين من أساليب التقويم وهما: أساليب التقويم التكويني وتتضمن و أساليب التقويم النهائي وتشمل:الاختبار لتحصيلي.واختبار عمليات علم.ومقياس الاتجاه نحو مادة العلوم.
وللتأكد من فعالية البرنامج، قاما الباحثان بتجريب احدي وحدات البرنامج: للتعرف علي فعالية البرنامج المقترح في تحقيق أهداف تدريس العلوم لدي التلاميذ الصم بالمرحلة الإعدادية، تم اختيار وحدة المادة والحياة من بين وحدات البرنامج المقترح، والمقررة علي تلاميذ الصف الأول الإعدادي، وتم إعادة صياغة محتوي هذه الوحدة في ضوء إستراتيجيات التدريس المشار إليها في البرنامج بحيث يمكن علي سبيل المثال تدريس الموضوع الواحد تارة بإستراتيجية لعب الدور وتارة أخري باستخدام خرائط المفاهيم وتارة ثالثة باستخدام التجارب العملية وهذا ما يتلاءم مع الذكاءات المتعددة للتلاميذ ولطبيعة الإعاقة السمعية للصم وقد شمل ذلك إعداد كل من دليل معلم وأوراق عمل التلميذ في ضوء طبيعة التلاميذ الصم وذكاءاتهم المتعددة، تتضمن الأنشطة التي يقومون بممارستها خلال تدريس وحدة المادة المختارة من البرنامج. وإجراءات قبل التدريس لعينة الدراسة الحالية : تم مراعاة الآتي توفير المواد اللازمة للتدريس فقد تم إعداد - الشفافيات المستخدمة في تدريس الوحدة - إعداد الصور والرسوم التوضيحية والكروت والنماذج و توفير الأدوات المستخدمة في الألعاب التعليمية والتجارب المعملية و تهيئة معمل العلوم في مدرستي التجريب في صورة أركان تعليمية ، يمثل كل ركن أحد الذكاءات المتعددة وتم تسليم المعلم الدليل الخاص به وتدريبه على كيفية التدريس للمجموعات داخل الفصل في ضوء استراتيجيات التدريس المستخدمة وفقا لذكاءات هذه المجموعات و تسليم التلاميذ أوراق عملهم. التعرف على الذكاءات المتعددة لدى التلاميذ : تم تطبيق قائمة ملاحظة تقييم ذكاءات التلاميذ بواسطة معلم الفصل على كل تلميذ على حدة من تلاميذ عينة الدراسة وتم حساب متوسط كل ذكاء من الذكاءات المتعددة ، وتحديد التلاميذ الحاصلين على درجات أعلى من هذا المتوسط في ضوء ذلك تم تصنيف التلاميذ في ضوء ذكاء اتهم المتعددة التي أسفرت عنها قائمة الملاحظة إلى مجموعات داخل الفصل تمثل كل مجموعة أحد الذكاءات وذلك لمراعاة الخبرات والأنشطة التعليمية التي هم في حاجة إليها والتعلم التعاوني معا في هذه المجموعات.
وتم تطبيق أدوات الدراسة قبل التجريب على عينة الدراسة من التلاميذ الصم ، حيث طبق معلم الفصل الاختبار التحصيلي( اختبار عمليات العلم) وقياس الاتجاه نحو مادة العلوم ، وذلك بهدف تحديد مستوى أداء التلاميذ المستهدفين على تلك الأدوات قبل إجراء المعالجة التجريبية. وتم تدريس وحدة المادة والحياة المختارة من البرنامج المقترح لمجموعات عينة الدراسة وقد بلغ عدد المجموعات ثلاث مجموعات رئيسة هي مجموعة الذكاء المكاني ومجموعة الذكاء الحركي الجسمي ومجموعة الذكاء الطبيعي ،وفى بداية تدريس الموضوع الواحد قم استخدام استراتيجية التدريس والأنشطة وفق الذكاء الأقوى لكل مجموعة ، والتي صنفت على أساسه، فاستخدمت المعينات البصرية أولا مع مجموعة الذكاء المكاني واستخدم التمثيل ولعب الدور والتجارب العملية مع مجموعة الذكاء الحركي الجسمي ، كما استخدمت استراتيجيات التصنيف والمقارنة مع مجموعة الذكاء الطبيعي ، كما استخدمت استراتيجية التعلم التعاوني في المجموعات الثلاث مع الاهتمام بأداء بعض المهام ذاتيا في إطار التعاون بين التلاميذ . ولما كان التكرار والبطء من مقومات تعلم التلاميذ الصم فكانت المجموعات تتبادل المهام التي تمارسها لمراعاة تعلم نفس المحتوى حتى الإتقان قدر المستطاع. وقد استغرق تدريس الوحدة (14) حصة بواقع حصتين أسبوعيا . وذلك في الفصل الثاني من العام الدراسي 2003 / 2004 وتم تطبيق أدوات الدراسة على تلاميذ العينة بعد دراستهم للوحدة المختارة وكانت النتائج مايلي : ولتحديد نسب الذكاءات المتعددة للتلاميذ الصم عينة الدراسة :تم التعرف على هذه النسب من خلال الإجابة عن السؤال الثالث من مشكلة الدراسة الحالية وهو : ما نسب توزيع الذكاءات المتعددة لعينة الدراسة من التلاميذ الصم؟ وللإجابة عن هذا السؤال تم حساب متوسط درجات التلاميذ عينة الدراسة في كل ذكاء وحساب النسبة المئوية للمتوسط منسوباً إلي الدرجة الكلية للذكاء والنتائج موضحة في جدول (5 )وفي ضوء ذلك يتضح أن التلاميذ الصم لديهم بعض نواحي القوي تظهر في الذكاء الحركي الجسمي والذكاء المكاني والذكاء الاجتماعي والذي يظهر في تفاعل هؤلاء التلاميذ معاً، لذلك فإن القائمين علي تعليم هؤلاء التلاميذ يستثمرون هذه الذكاء في تحقيق أهداف التدريس لديهم.
ولبيان فعالية البرنامج المقترح القائم على الذكاءات المتعددة في تنمية المفاهيم العلمية لدى التلاميذ الصم بالصف الأول الإعدادي ؟ وللإجابة عن هذا السؤال ، تم اختيار صحة الفرض الأول للدراسة باستخدام اختبار "ت" للعينتين غير المستقلتين ، والنتائج موضحة بجدول (6) الذي يبين درجات التلاميذ في التطبيقين القبلي والبعدي لصالح التطبيق البعدي للاختبار التحصيلي. وفي ضوء تلك النتيجة يقبل الفرض الأول للدراسة. كما يتضح أن حجم تأثير المتغير المستقل وهو البرنامج المقترح علي المتغير التابع المتمثل في تحصيل المفاهيم العلمية كبير، حيث يرجع 95% من التباين الكلي للتحصيل الدراسي إلي تأثير البرنامج المقترح، ويؤكد هذه النتيجة نسبة الكسب المعدل التي تجاوزت مقدار الواحد الصحيح. وفي ضوء ذلك فإن البرنامج الحالي يتصف بالفعالية في اكتساب المفاهيم العلمية للتلاميذ الصم بالصف الأول الإعدادي ويمكن أن ترجع فعالية البرنامج المقترح موضع الدراسة الحالية في تنمية المفاهيم العلمية إلي المكونات المتعددة له والتي تم إعدادها لمراعاة طبيعة التلاميذ الصم، فقد تضمن البرنامج محتوي يتناول موضوعات تتمحور حول اهتمامات التلميذ الأصم تم عرضها بصورة شيقة وممتعة تجذب انتباهه وتم معالجتها بإستراتيجيات تدريس متنوعة في ضوء ما يتوافر لديه من جوانب تميز كالذكاء المكاني والذكاء الحركي، الأمر الذي ساعد هذا التلميذ علي اكتساب المعلومات واستيعابها. وقد يرجع تحسن أداء التلاميذ علي الاختبار التحصيلي إلي استخدام الأنشطة التي تخاطب ذكاءاتهم وتستثمر حواسهم، فقد مارس التلاميذ التجارب العملية واستخدموا المعينات البصرية كخرائط المفاهيم والمخططات والصور والرسوم، بالإضافة إلي التعلم التعاوني الذي ساعد التلاميذ علي إتباع التعليمات لأطول فترة زمنية ممكنة، الأمر الذي من شأنه أن يساعد علي اكتساب المعلومات وتطبيقها في المواقف الحياتية.
ولبيان فعالية البرنامج المقترح القائم علي الذكاءات المتعددة في تنمية عمليات العلم لدي التلاميذ الصم بالصف الأول الإعدادي: تم التعرف علي هذه النتائج من خلال الإجابة عن السؤال الخامس من مشكلة الدراسة الحالية وهو : ما فعالية البرنامج المقترح القائم علي الذكاءت المتعددة في تنمية عمليات العلم لدي التلاميذ الصم بالصف الأول الإعدادي؟وللإجابة عن هذا السؤال، تم اختبار صحة الفرض الثاني للدراسة بإسخدام اختبار "ت" للعينتين غير المستقلتين يتضح من جدول (7) وجود فروق دالة إحصائياً عند مستوي (0.01) بين متوسطي درجات التلاميذ الصم في التطبيقين القبلي والبعدي لصالح التطبيق البعدي لاختبار عمليات العلم. وفي ضوء تلك النتيجة يقبل الفرض الثاني للدراسة. كما يتضح أن حجم تأثير المتغير المستقل وهو البرنامج المقترح علي المتغير التابع المتمثل في عمليات العلم كبير، حيث يرجع 98% من التباين الكلي لعمليات العلم إلي تأثير البرنامج المقترح، ويؤكد هذه النتيجة نسبة الكسب المعدل التي تجاوزت مقدار الواحد الصحيح. وفي ضوء ذلك فإن البرنامج الحالي يتصف بالفعالية في تنمية عمليات العلم ويمكن أن ترجع فعالية البرنامج موضع الدراسة في تنمية عمليات العلم إلي تدريب التلاميذ الصم علي ممارسة هذه العمليات خلال عملية التدريس، فقد أتاح تدريس البرنامج المواقف المتعددة لهؤلاء التلاميذ للملاحظة الدقيقة ووصف التفاصيل التي يرونها سواء خلال مناقشتهم للمعينات البصرية التي تخاطب الذكاء المكاني لديهم أو من خلال تناولهم وفحصهم الوسائل والمعينات والأدوات التي تم استخدامها، ، كما تم تدريب التلاميذ خلال دراستهم للبرنامج علي ممارسات مهارات تصنيف وتقسيم المعلومات أو الأفكار إلي فئات وتحديد الأسس والمحكات التي تم التصنيف علي أساسها، الأمر الذي ساعد التلاميذ علي اكتساب مهارة الاستنتاج التي من خلالها يستطيعون الوصول إلي معلومات معينة في ضوء ما سبق لهم دراسته أو معرفته. وقد يرجع اكتساب التلاميذ لعمليات العلم إلي أدائهم للأنشطة المتعددة والمتمثلة في الألعاب التعليمية وإجراء التجارب المعملية والأداء التمثيلي لبعض المفاهيم وأداء الرسوم الحرة التي ساعدت علي ممارسة العمليات العقلية العليا.
ولبيان فعالية البرنامج المقترح القائم علي الذكاءات المتعددة في تنمية الاتجاه نحو العلوم لدي التلاميذ الصم بالصف الأول الإعدادي. تم التعرف علي هذه النتائج من خلال الإجابة عن السؤال السادس من مشكلة الدراسة الحالية وهو: ما فعالية البرنامج المقترح القائم علي الذكاءات المتعددة في تنمية الاتجاه نحو العلوم لدي التلاميذ الصم بالصف الأول الإعدادي. للإجابة عن هذا السؤال، تم اختبار صحة الفرض الثالث للدراسة باستخدام إختبار "ت" للعينتين غير المستقلتين، والنتائج موضحة بجدول (8) وجود فروق دالة إحصائياً عند مستوي (0.01) بين متوسطي درجات التلاميذ الصم في التطبيقين القبلي والبعدي لصالح التطبيق البعدي لمقياس الاتجاه نحو العلوم. وفي ضوء تلك النتيجة يقبل الفرض الثالث للدراسة. كما يتضح أن حجم تأثير المتغير المستقل وهو البرنامج المقترح علي المتغير التابع المتمثل في الاتجاه نحو العلوم كبير، حيث يرجع 96% من التباين الكلي للاتجاه نحو العلوم إلي تأثير البرنامج المقترح، ويؤكد هذه النتيجة نسبة الكسب المعدل التي بلغت (1.23). ويمكن أن ترجع فعالية البرنامج موضع الدراسة في تنمية الاتجاه نحو العلوم لدي التلاميذ الصم إلي إقامة رابطة وجدانية بينهم وبين المعلم القائم بتدريس البرنامج وتوفير بيئة تعلم يشعر من خلالها التلميذ بالأمن والأمان ويكون له دور إيجابي فيها يستقصي عن المعلومات ويعبر عن أفكاره للآخرين، بالإضافة إلي استخدام الألوان في طباعة المعينات البصرية التي يتعلم من خلالها وتسلسل التقاربات الناجحة، الأمر الذي أدي إلي شعوره بالاستمتاع بمادة العلوم والشعور بأهميتها في حياته.
توصيات الدراسة في ضوء ما أشارت إليه نتائج الدراسة الحالية من فعالية البرنامج المقترح في ضوء الذكاءات المتعددة في تحقيق بعض أهداف تدريس العلوم المتمثلة في اكتساب المفاهيم العلمية وعمليات العلم وتنمية الاتجاه نحو مادة العلوم لدي التلاميذ الصم، فإن الدراسة الحالية توصي بما يأتي:
1- تدريب معلمي التلاميذ المعاقين سمعياً علي كيفية استخدام الذكاءات المتعددة في الممارسات التعليمية التي تتم داخل حجرة الدراسة.
2- ترجمة الأدوات المعدة في الدراسة الحالية إلي لغة الإشارة واستخدامها في التقويم المستمر لأداء التلاميذ المعاقين سمعياً.
3- إعداد دليل معلم التلاميذ العاديين والمعاقين سمعياً في ضوء نظرية الذكاءات المتعددة.
4- تطوير المنهج الدراسي بجميع عناصره في ضوء الذكاءات المتعددة لدي التلاميذ.
5- الاهتمام بعرض المحتوي الدراسي لكتاب العلوم بما يتفق وطبيعة التلاميذ المعاقين سمعياً.
6- عقد دورات تدريبية لمعلمي التلاميذ الصم لتدريبهم علي إعداد الخبرات التعليمية لتدريس العلوم وفق الذكاءات المتعددة.
دراسات مقترحة: في ضوء نتائج الدراسة الحالية، يقترح الباحثان إجراء الدراسات التالية:
1- دراسة عن فعالية التدريس في ضوء الذكاءات المتعددة في تصويب التصورات البديلة للمفاهيم العلمية لدي المعاقين سمعياً.
2- دراسة تفاعلية بين إستراتيجيات الذكاءات المتعددة وأنماط التعلم والتفكير علي مهارات التفكير.
3- دراسة فعالية البرنامج المقترح في الدراسة الحالية في تنمية التفكير الإبتكاري لدي فئات أخري من التلاميذ.
4- دراسة عن أثر التقويم في ضوء الذكاءات المتعددة علي الاتجاه نحو دراسة العلوم.
5- دراسة عن أثر تدريب المعلم علي التدريس في ضوء الذكاءات المتعددة علي أداء تلاميذه.
6- دراسة عن فعالية الأنشطة الإثرائية في تنمية الذكاءات المتعددة للتلاميذ المتفوقين.
|