1ـ نظرة القدماء والمحدثين
للصور التركيبية للفعل «دَخَلَ وأَدْخَلَ»
مهما أوتي ابن اللغة من مقدرة على حفظ عدد لا حصر له من ألفاظها , فلم يكن بإمكانه أن يملك المقدرة على رصف وبناء جمل , تستوفي ما وقع فيها من ترتيب في غرائز أهلها ؛ لأن رصف الجمل عنده , مرتبط بالغرض الإبلاغي , وكثيرًا ما يحكم على جمل بأنها غير صحيحة , بسبب مخالفتها قواعد الرصف والتأليف والتركيب السائدة في لغة ما , ليس بالقياس إلى المستخدم , ولكن المقعد للغة أيضًا , الذي اعتنى كثيرا بالشواهد المخالفة للقاعدة , وتعج بطون المصنفات النحوية بالجدل , والمصطلحات المتباينة , والاختلاف في تفسير الظاهرة بتوهم محذوف أو بتأويل أو بتقدير , أو بجعله من باب الحمل على النظير أو الشبيه , أو بِعَزْو الظاهرة إلى التضمين أو بجعلها من الشاذ الذي لا يقاس عليه , أو السماعي المطرد , أو الضرورة الشعرية , وأرجعوا أغلب الظواهر إلى التوسع اللغوي , مما يدل على وجود فجوة بين التقعيد والمتشابه من الاستخدام اللغوي والفصائل النحوية.
وحرف الجر مما يتعدى به الفعل , يؤدي دورًا رابطيًا تركيبيًا ودلاليًا , تحكمه القواعد التي شغلت نحاة العربية كثيرا وبخاصة إذا ما تنوعت صوره التركيبية وأشكاله وعلاقاته بالفعل , وبالفعل ومعموليه (الفاعل والمفعول (المفعولات) .
ومن أبرز المسائل اللافتة للنظر ؛ ظاهرة الفعل اللازم المتعدي وبخاصة الفعل [دخل وأدخل] وخلافات النحاة حول كثير من القضايا المتعلقة به , كالتعدي واللزوم , وخلافاتهم في إعراب الاسم الواقع بعده وهويته الوظيفية هل هو مفعول به؟ أو مشبه بالمفعول به ؟ هل هو ظرف , أم منصوب بنزع الخافض , وهل تقدير حرف الجر قبله واجب أم جائز ؟ وهل هو (في) أو (إلى) ؟ وما عِلَّةُ ذلك عندهم , وما نصيب هذه المسألة من قضية الأصل والفرع , والاتساع اللغوي وغيرها من المصطلحات .
وقد طال حديث النحاة حول الفعل «دخل» لما يتفرد به من خاصية تركيبية لا يشاركه فيها غير أفعال محدودة مثل : ذهب , وسكن ونزل , وخَشُنَ , وغار , وركب وركن..» وقصرها سيبويه على الثلاثة الأولى .
وتسمى أفعال الحركة الانتقالية عندهم , ويتميز الفعل «دخل» بخاصية التعدي بنفسه - دون خافض - إلى اسم المكان المختص , بالإضافة إلى تعدّيه بالحرف , ولزومه في بعض المواضع .
ودارت الدراسة في محورين : محور نقدي اعتنى بآراء القدامى والمحدثين حول طبيعة هذا الفعل (بين القياس والسماع) , ومحور تطبيقي اعتمدت فيه جوانب من النظرية التوليدية التحويلية , بالإضافة إلى معطيات علم اللغة الحديث ونظرة المحدثين إلى الفعل المتعدي بالحرف على المستويين المعجمي والتركيبي , لأهمية ذلك في صناعة المعجمات .
واعتمدت إحصاء الظاهرة في القرآن الكريم والشعر العربي من العصر الجاهلي حتى العصر الحديث (اعتمادا على الموسوعة الشعرية C.D – إصدار المركز الثقافي بأبي ظبي) وكتاب : «في منزل الوحي لمحمد حسين هيكل» مادة للتطبيق , وللنظر في الأنماط التركيبية وما حدث فيها من تغير على مدى العصور , أو ثباتها على النمط المعياري القياسي والسماعي المحفوظ .
وسأتتبع الظاهرة في ثلاثة مباحث :
المبحث الأول : آراء القدامى والمحدثين حول دخل وأدخل
وناقشت فيه آراء العلماء بشأن الظواهر الآتية :
1- التعدي واللزوم .
2- الخلاف في إعراب الاسم الواقع بعد دخل .
3- بين التعدي بالحرف وإسقاطه .
المبحث الثاني : الصور التركيبية للفعل (دخل وأدخل) :
أولاً : الأنماط التركيبية الفعل دخل .
ثانيًا : الأنماط التركيبية الفعل أَدْخَلَ – أُدْخِلَ .
المبحث الثالث : الحروف – سماتها الذاتية وعلاقاتها .
أولاً : السمات الذاتية للحروف .
ثانيًا : التلازم اللفظي والتركيبي للفعل دخل وأدخل .
1- التلازم المعجمي Collocation
2- التلازم التركيبي Colligation :
أ- علاقة سياقية .
ب- علاقة عادية .
ت- علاقة اصطلاحية .
ث- علاقة التضمن .
|