ان هذا المؤلف حصاد جهد كبير سنوات طويلة فى دراسة المجتمع المصرى يحتوى على سبعة فصول أبدأها بدراسة المشكلات الاجتماعية- رؤية نظرية.
ويتناول عرض المنظورات السوسيولوجية الرئيسية التى تتناول المشكلات الاجتماعية- وهى- نظرية التفكك الاجتماعى والنظرية الوظيفية والصراع والتغير الاجتماعى والسلوك المنحرف ونظرية الثقافة الفرعية ونظرية الدفع ونظرية الفرص وابعاد المشكلات الاجتماعية (البعد الذاتى- ومصادر القلق) والبعد الموضوعى للمشكلات الاجتماعية.
كما يناقش هذا الفصل مصادر الرؤية العلمية- مناهج البحث فى دراسة المشكلات الاجتماعية- الملاحظة بالمشاركة والتصميم التجريبى والبحوث المسحية.
أما الفصل الثانى فيناقش الاتجاه الجديد الذى يقوم باكتساح العالم الثالث وهو رفض النماذج والمثاليات التنموية المتاصلة فى الغرب، أى النماذج الشعوبية وإقرار نماذج جديدة للتنمية لها سمتها الوطنية المحلية من منطلق أنه لا يوجد طريق واحد أو طريقان (العالم الأول والثانى) للتنمية وإنما هناك طرق متعددة لنماذج التنمية، ولقد بدأت هذه الدراسة باستعراض المشكلات التى يطرحها الغرب ومن ثم يبرهنون بها لبلدان العالم الثالث على وهم ورومانتيكية النماذج الوطنية لتحقيق التنمية، وفى مقابل ذلك استعراض رؤية العالم الثالث للنموذج الغربى وتاكيد نماذج التنمية المحلية وهى المفاهيم البديلة من العالم الثالث والتى اصبحت تتميز بالرؤية النقدية للنموذج أو القالب الغربى للتنمية الذى تثوبه المحاباة والشعوبية وعدم القابلية للتطبيق فى المجتمعات ذات التقاليد والتاريخ والنماذج الثقافية المختلفة.
وانتهى من هذا الفصل بالإشارة إلى مصر كدولة نامية قد نمى بين مفكريها من علماء الإجتماع والإقتصاد هذا الإتجاه اللاشعوبى Nonethnocentric فى التنمية.
أما الفصل الثالث فى هذا المؤلف فتدور حول الإتجاه الوضعى بين أوجيست كونت والعلامة ابن خلدون.
وإذا كان الإتجاه الوضعى مؤداه اشتقاق المعرفة من التجربة الحسية والأخذ بمناهج العلوم الطبيعية ومحاولة دراسة الظواهر الاجتماعية بهذه المناهج نفسها، بمعنى رفض التفسير الدينى والتفسير الفلسفى واهتمام أوجيست كونت واستخدامه لهذا الاتجاه ورأيه فى ان الفلسفة الوضعية هى المتفوقة على سابقتها (الفلسفة الميتافيزيقية والفلسفة اللاهوتية)، فإن ابن خلدون قد سبق كونت فى هذا الصدد حيث اعتمد فى استقراء معظم آرائه وافكاره من الواقع الاجتماعى المحسوس أي الواقع المادي، كما توضح الدراسة أيضا الفكرة والتناول بالنسبة للاتجاه الوضعى عند كل من العالمين (ابن خلدون واوجيست كونت) وما المصادر التى تعتمد عليها لكي تستقى المعرفة الوضعية.
وإذا كان (كونت) قد رأى أن هناك أربعة اجراءات تستقى منها المعرفة الوضعية وهى الملاحظة والمقارنة والمنهج التاريخى... فأين ابن خلدون من ذلك؟
وأنهى هذه الدراسة بوضع كل من ابن خلدون واوجيست كونت فى الميزان.. ومما لاشك فيه ان الكفة الراجحة هى كفة ابن خلدون.. ليس لأنه جد عربى مسلم لنا جميعا وإنما للاصالة المنهجية وفكره العميق المتميز.
أما الفصل الرابع فيدور حول الفرد والمجتمع والأنومى وهى العلة التى يعانى منها الانسان فى المجتمع المعاصر، حتى بات يعيش على ذلك الخط الرفيع من الاحساس بين انعدام المستقبل الماضي، وهذا مما يزيد المشكلة تعقيدا فيما يختص بالخلو من المغزى وافتقاد المعايير لحياة الفرد تحت تأثير العامل الإقتصادى، وقد كان الفضل الكبير (لاميل دوركايم) و"روبرت ميرتون" لاعطاء هذا المفهوم (الأنومى) مكانة خاصة فى السوسيولوجيا المعاصرة.
وإذا كان دوركايم قد استخدم هذا المفهوم فى دراسته عن الانتحار فقد وسع "روبرت ميرتون" هذا المفهوم وجعله اكثر اتساعاً.
والانومى حسب استخدام (ميرتون) يعنى حدوث انهيار فى البناء الثقافى وخاصة عندما يكون هناك ثمة تعارض حاد بين المعايير والأهداف الثقافية، ورد فعل الافراد بما يتفق مع هذه المعايير، ومن ثم فالانومى هو انعدام احساس الفرد بالتعلق بالمجتمع والانتماء إليه، فروبرت ميرتون يساوى الانومى بعجز الفرد عن تحقيق أهداف المجتمع بالوسائل المتاحة.
والفصل بهذا الشكل يتعرض لمفهوم الانومى فى التراث السوسيولوجى ثم تتطرق إلى العلاقة التبادلية بين الاغتراب والانومى وتهتم بالانومى من وجهة نظر اميل دوركايم ثم نتناول الانومى من وجهة نظر روبرت ميرتون.
ثم نستعرض كيفية قياس الأنومى، ونتعرض لقياس (سرول) للانومى، كما نعرض بعض الدراسات حول الانومى مثل دراسة ماكلوسكى Mc_closky ودراسة كينيت كينستون Kenneth Keniston ثم استتبع ذلك بتعقيب حول نظرية الانومى على المستوى الفردى والمستوي المجتمعى.
"وأخيراً انتهى إلى ان الانومى كظاهرة أجتماعية باتت واضحة فى المجتمع المعاصر متمثلة فى إزدياد معدل الفساد والانحراف الأدارى والذى يتمثل فى الرشوة والاختلاس وانتهاك القوانين الادارية وتغليب المصلحة الفردية على المصلحة المجتمعية، كما تظهر ايضا فى ازدياد معدل الجرائم وانتشار ظاهرة ترويج وتعاطي المخدرات كهروب وانسلاخ الفرد من المجتمع الذى بات الفرد فيه يشعر بالانفصال عنه واختلال التصور بين العمل والمجهود والمردود الاجتماعى وغياب المشاركة السياسية كرد فعل لاحساس الفرد بان القادة منفصلون عنه، واخيراً انعدام المعايير والقيم الاجتماعية فى داخيله الفرد. وأخيرا فان كل مظاهر الانومى هذه تتضح فى المجتمع المصرى وهذا مما يزيد المشكلة تعقيدا فى مواجهة العلاقة بين الفرد والمجتمع حتى بات الانسان المعاصر مغتربا عن نفسه وعن مجتمعه.
الفصل الخامس:التراث السوسيولوجى فى دراسة الفقر
مقدمة الفصل
أولاً: تفسير الفقر فى ضوء النظريات الكبرى والصغري :
1- النظريات الكبري:
أ – التفسير الوظيفى
ب- تفسير النظريات الخاصة بالصراع
|