1- أن موضوع الدراسة الراهنة يناقش قضية تهم مصر والمصريين، حيث يناقش الموضوع من الناحية النظرية الأكاديمية التدرج الطبقى والحراق الاجتماعى فى مصر وخاصة عند الطبقة الوسطى حيث بدأت شرائح من الطبقة الوسطى تنسلخ من هذه الطبقة وتشهد حراكا اجتماعي صاعدا وتلتحق بالطبقة الغنية، كما بقيت شرائح أخرى من الطبقة الوسطى أيضا تشهد حراكا أفقيا أو حراكا إلى أسفل، فاصبح هناك اختلال فى الدخول الطبقية، بمعنى إنه توجد ثمة تحولات أساسية فى الهيكل الطبقى بالمجتمع مما يسترعى انتباه دارسى علم الاجتماع.
أما من الناحية التطبيقية فتناقش هذه الدراسة الأسباب القوية التى ظهر بسببها هذا الحراك ولعل من أهمها نمو الأنشطة الطفيلية والتى وجدت من سياسة الانتفاح مرتعا خصبا وتربة صالحة للاستشراء والتوغل والوصول غلى مآربها الانتهازية والوصولية والتسلقية على اكتاف الآخرين والحصول على حقوق ليس لها حق فيها وقضاء كل مصالحها ومكاسبها بطرق غير شرعية.
ولعل ما يهمنا فى هذه الدراسة بالدرجة الأكبر هو القيم السلبية التى نشرتها هذه الأنشطة الطفيلية من انتشار الفساد الإدارى والرشوة واهدار القيمة الاجتماية للعمل، بمعنى اهتزا التصور لعلاقة العمل بالدخل ومدى الانحطاط الثقافى، هذا فضلا عن ظهور الشخصية (الفهلوية) التى تحاول الاستفادة من الجو الموبوء ومن وجود هذه الأنشطة الطفيلية، وفى مقابل ذلك ظهور الشخصية الاناماليه أيضا والتى لعلها يئست من جدية اصلاح بعض الانحرافات المصاحبة لنمو هذه الأنشطة الطفيلية، وظهور فئات من المجتمع مستفيدة من تجارة السوق السوداء فى النقد (تجارة العملة) والاتجار فى الأعمال غير المشروعة والتى تفتك بالمجتمع وبالشباب مثل الاتجاه فى المخدرات (السموم البيضاء) وانتشار شبكات الدعارة أيضا، كما صاحب ذلك عمليات التهريب سواء تهريب الأموال (وفى أغلب الأحيان تكون هذه الأموال يمتلكها بعض الأفراد فى المجتمع وقد عانوا لكى يحققوها ويوظفوها فى مكاتب توظيف الأموال لعلها تنفع أولادهم أو يتعيشوا من ريعها بالإضافة إلى المرتب الشهرى البسيط، أو تهريب البضائع أوالتهرب من الضرائب وعدم الوعى بأهمية استفادة الدولة من كل هذه الرسوم التى يستفيد منها كل أفراد المجتمع وخاصة الطبقة الكادحة فى صورة دعم للسلع ومشروعات أخرى، هذا فضلا عن استشراء النمط الاستهلاكى الترفى فى الوقت الذى تعانى منه فئات كثيرة من ضيق ذات اليد.
بمعنى أن هذه الدراسة تناقش العلاقة الوظيفية بين نمو الأنشطة الطفيلية واختلال الهرم الطبقى حتى باتت بعض الفئات من الطبق الدنيا هم الذين يمتلكون فى مقابل فئات أخرى ن الطبقات الوسطى المثقفة وحاملة الشهادات الجامعية وفوق الجامعية لا يمتلكون.
2- أن المتغير المستقل Independent Variable فى الدراسة الراهنة هو نمو الأنشطة الطفيلية، أما المتغير التابع Dependent Veriable فهو الحراك الاجتماعى الذى حدث فى المجتمع المصرى والذى باتت آثاره واضحة فى وجود نمطين من مستويات المعيشة والتمتع بالحصول على كل وسائل الرفاهية فى المجتمع، بحيث أصبح هناك ثنائية فى الحياة الاجتماعية والاقتصادية المصرية قسمت المجتمع وخاصة الطبقة الوسطى إلى قطاعين: قطاع محلى أو داخلى، ويشمل الأفراد المتربطين والعاملين بالحكومة والقطاع العام والقطاع الثانى الملتحقين بالقطاع الانفتاحى أو الانتفاخى، وهذا التناقض بين البنية القديمة (القطاع الأولى الداخلى) والبنية الجديدة (الانفتاحى) قد بدأ يظهر بينها التناقض الواضح حيث الفوارق الدخلية بين طبقات المجتمع.
3- ان نقطة الصفر Zero Point فى الدراسة الراهنة هى بعد عام 1973م يث صدرت قوانين سياسة الانفتاح وهى المعروفة بقانون استثمار المال العربى والأجنبى والمناطق الحرة وحتى عام 1982 وهى بداية التركيز على الاتجاه الذى مؤداه أن الانفتاح لابد وان يوجه إلى الانفتاح الانتاجى وليس الاستهلاكى، ومحاولة ترشيد وتعديل بعض الثغرات التى حدثت خلال فترة السبعينات. أى أن الدراسة الزمنية للدراسة الراهنة خلال عشر سنوات.
4- أهداف الدراسة الراهنة:
ويمكننى عرض أهداف الدراسة على النحو التالى:
أ- تهدف الدراسة الراهنة إلى مناقشة علاقة سياسة الانفتاح بنمو الأنشطة الطفيلية بمعنى ناقشة علاقة سياسة الانفتاح بمدى استفادة بعض الفئات من العمولات وازدياد تجارة السوق السوداء وهى تجارة العملة وانتشار الاتجار غير المشروع فى المخدرات (السموم البيضاء) وزيادة عمليات التهريب سواء كان تهريب الأموال أو تهريب البضائع او التهرب من الضرائب.
ب- مناقشة مدى ارتباط نمو الأنشطة الطفيلية والتى صاحبت الانفتاح بانتشار القيم السلبية فى المجتمع، بمعنى مناقشة العلاقة الوظيفية بين نمو الأنشطة الطفيلية بالفساد الإدارى والرشوة وانتشار الشخصية (الفهلوية) واختلال التصور بين العمل والمجهود وإزدياد النمط الاستهلاكى الترفى لبعض الفئات وشيوعه فى مقابل ضيق ذات اليد لفئات أخرى من المجتمع وانتشار الاعلانات المكثفة ولما لها من آثار سيئة على الشعور بالنقمة من جانب غير القادرين على الشراء وظهور الشخصية الانامالية والتى تتنصل وتتهرب من المسئولية وماقشة خلفية ظهور هذه الشخصية، هذا فضلاً عن انتشار شبكات الدعارة.
جـ- مناقشة نتائج سياسة الانفتاح وما لحقها من نمو الأنشطة الطفيلية وعلاقته بالحراك الاجتماعى الصاعد وتسلق السلم الاجتماعى لبعض الفئات من المجتمع من اصول دنيا أو من القاعدة العريضة من الطبقة الوسطى فى مقابل الحراك الاجتماعى إلى أسفل أو الأفقى لبعض فئات أخرى وهم ذوو الأجور الثابته. ويدخل فى هذه الفئة الموظفون وكبار الموظفين فى الحكومة والقطاع العام، بحيث أختل هيكل الأجور فى الهرم الطبقى والتفاوت والتمايز الطبقى واللا مساواة فى صالح فئات طفيلية من أصول دنيا قد شهدت ثروة من أنشطة طفيلية وتراكم رأسمالى ليس عن طريق فكرى أو عضلى وانما عن طرق التسلق والوصول إلى مآربها بطرق غير مشروعة.
وفى ضوء هذه الأهداف تتحدد الفروض الرئيسية للدراسة الراهنة.
5- الفروض الرئيسية للدراسة:
الفرض الأول:
يرتبط الانفتاح ارتباطا طرديا بنمو الأنشطة الطفيلية.
الفرض الثانى:
يتربط نمو الأنشطة الطفيلية والى صاحبت الانفتاح ارتباطا طرديا بانتشار القيم السلبية فى المجتمع.
الفرض الثالث:
ترتبط سياسة الانفتاح وما نتج عنها من اللامساواة فى الأجور بين بعض الطبقات ارتباطا طردياً بظهور الحراك الاجتماعى الصاعد لبعض الفئات.
6- المنهج:
أ- ان هدف الدراسة هو رصد وتحليل النتائج التى ترتبت على سياسة الانفتاح وما لحقها من نمو الأنشطة الطفيلية ومن ثم التحولات التى طرأت على التركيب الاجتماعى للهرم الطبقى فى مصر فى فترة السبعينات ومن ثم فان المنهج الأكثر لياقة والأكثر مناسبة لهذا الصدد هو المنهج الوصفى التحليلى Descriptive method
ب- تحليل المعطيات التاريخية (المنهج التاريخى) Historical method .
ولقد حاولت ان اعطى خلفية عن الدراسات السابقة التى تناولت الحراك الاجتماعى فى امريكا وبعض الدول الأوربية وايضا الاستفادة من الخلفية التاريخية عن الدراسات السابقة التى اهتمت بالتحولات فى التركيب الاجتماعى والطبقى فى مصر.
7- مجالات الدراسة:
طبقت الدراسة على مدينة القاهرة حيث كان اهتمامى هو نمو الأنشطة الطفيلية المصاحبة للانفتاح ومن ثم ظهور التمايزات واللامساواة فى الدخول لبعض الفئات مما نتج عنه الحراك الاجتماعى الصاعد لفئات معينة والحراك الاجتماعى إلى اسفل أو الأفقى لفئات أخرى مما نتج عنه تشوه وحدوث خلل وآثار سلبية فى البيئة الاجتماعية والثقافية، وكل هذا قد اتضح بصورة أوضح فى الحضر عنه فى الريف وخاصة بين الطبقة الدنيا والوسطى وبين الفئات العريضة من الطبقة الوسطى. ولذلك فقط طبق الاستبيان على عينة عشوائية بسيطة فى المجال الحكومى والخاص فى مدينة القاهرة.
8- تحديد نوع وحجم وخصائص العينة:
اشتملت العينة على (110 فرد) وهم الذين اشتركوا فى البحث وبلغ عدد العاملين فى الهيئات الحكومية (64%) من مجتمع البحث، أما العاملون فى القطاع الخاص فبلغ عددهم (36%) من مجتمع البحث. كما بلغت نسبة الذكور (75%) ونسبة الاناث (25%) من مجتمع البحث.
أما وسائل جمع البيانات فقد استخدمت الاستبيان Questionnaire وقد صمم للذين يقرأون ويكتبون وأقل مستوى يجيب عليه هو الحاصل على الابتدائية. وقد حاولت بقدر جهدى أن تكون استمارة البحث دقيقة. وقد تضمنت عشرة مواقف فى كل فقرة موقف على الأقل وبعض الأحكام عليه لتلطليف وتعميق قياس اتجاهات الأفراد نحو المؤشرات التى أود قياسها نظرا لمعرفتى بصعوبة موضوع البحث، وأهميته أيضاً.
ولمناقشة القضايا السالفة الذكر فقد اشتملت الدراسة الراهنة على تسعة فصول وخاتمة، تناقش الأربعة فصول الأولى منها الأبعاد التصورية المهمة فى التسلسل المنطقة للدراسة وهى على النحو التالى:
الفصل الأول:
ويستعرض فكرة الدراسة وهدفها وموجهات البحث ومحدداته ويهتم بثلاثة مفهومات أساسية للدراسة الراهنة وهى: الانفتاح – تحديد مفهوم الطفيلية- وماهى الأنشطة الطفيلية ثم اعطاء مفهوم إجرائى للبحث عن الأنشطة الطفيلية والتى تعنى بها وتلتزم بها الدراسة.
ثم نهتم بمفهوم الحراك الاجتماعى واعطاء مفهوم اجرائى للحراك الاجتماعى خاص بالدراسة الراهنة.
الفصل الثانى:
ويتناول الحراك الاجتماعى – مدخل نظرى
ويتضمن بعض الدراسات الأجنبية عن الحراك الاجتماعى وعلاقته بانفتاح المجتمع وتكافؤ الفرص . وعلاقة الحراك الاجتماعى بالتحولات فى البناء الوظيفى، كما يتناول قضايا أخرى من الحراك الاجتماعى مثل العومل الذاتية وهى قضية الوعى الطبقى للأفراد. ويتناول نتائج الحراك بالنسبة للفرد والجماعة. ويناقش بعض المؤشرات وعلاقتها بالحارك مثل السن – وتوافر الفرص وخاصة فى أمريكا وقمارنتا بدول أخرى- والتعليم (دراسة تريمان وتيريل) ويشير إلى الحراك بين السود والبيض، والاختلافات الدينية والعرقية وعلاتقه أيضا بالحراك.
الفصل الثالث:
ويناقش هذا الفصل العلاقة الوظيفية بين الانفتاح والحراك الاجتماعى فى المجتمع المصرى، ويبدأ بالاشارة إلى بعض الدراسات التى حاولت تفسير التدرج الاجتماعى فى مصر. ويناقش العلاقة بين توزيع الدخول والحراك والهجرة واثرها فى تحقيق الحراك الاجتماعى كما يناقش علاقة الوعى الطبقى بالحراك الاجتماعى.
الفصل الرابع:
يتناول الانفتاح ونمو الأنشطة الطفيلية واثر كل ذلك على انتشار القيم السلبية فى المجتمع مثل ظاهرة الرشوة واهتزاز قيمة العمل الاجتماعى والسعر وراء الربح السريع والانحطاط الثقافى- كل ذلك من مدخل نظرى.
الفصل الخامس:
استعرض فيه الاطار المنهجى للدراسة الراهنة وأوضح فيه النقطة الصفرية للبحث وتحديد فروض الدراسة ومجالات الدراسة وأساليب جمع البيانات وتحديد نوع وحجم وخصائص عينة الدراسة.
الفصل السادس:
الانفتاح ونمو الأنشطة الطفيلية.
ويناقش الانفتاح والسعى رواء الربح السريع وخاصة (العولمة) – وانتشار تجارة العملة- والاتجار فى المخدرات (السموم البيضاء) وانتشار عملية التهريب لرؤوس الأموال وتهريب البضائع والتهرب من الضراب. ويناقش كل ذلك من خلال الدراسة الميدانية.
الفصل السابع:
يناقش نمو الأنشطة الطفيلية وانتشار القيم السلبية ويتناول الرشوة وظهور الشخصية الفهلوية، وهجرة الكفاءات البشرية وترك البلد الم مصر وازدياد النمو الاستهلاكى الترفى وانتشار الاعلانات بآثارها السيئة على الأفراد وانتشار شبكات الدعارة. وكل ذلك من خلال الدراسة الميدانية.
الفصل الثامن:
ويناقش الحراك الاجتماعى والتميز الطبقى ويتناول العلاقة الوظيفية بين الحراك الاجتماعى وكل من نخمو الأنشطة الطفيلية والانحطاط الثقافى واهتزاز التصور فى علاقة العمل بالدخل. وأخيرا يستعرض الانفتاح بين المؤيدين والمعارضين له من خلال الدراسة الميدانية.
الفصل التاسع:
وهو الفصل الأخير الخاص بنتائج واستخلاصات الدراسة مع الاشارة إلى التحقق من صدق الفروض فى لدراسة الميدانية، والاشارة إلى مدى اتفقا أو اختلاف الدراسة الراهنة مع الدراسات الأخرى فى هذا الصدد.
وأخيراً.. الخاتمة والتوصيات.
|