مقدمة :
إن المتصفح للتطور التاريخي للمعرفة الإنسانية يجد أن علماء علم النفس؛ قد أحرزوا تقدماً كبيراً في دراسة أنواع عديدة من الذكاءات منها: الذكاء الموضوعي أو غير الشخصى Objective or Impersonal Intelligence ؛ الذي يرتبط بالذات الجسمية أو البيولوجية للإنسان، والذي يتعامل -في جوهره- مع المعلومات المحايدة التي تنتمي إلى العالم المادي الخارجي، ومنها كذلك: الذكاء الإجتماعي Social Intelligence ؛ الذي حظي بنصيب من البحث والدراسة، والذي يعنى - في صميمه- بالذات الاجتماعية، ويبقى بعد ذلك جانب مهم كان يجب أن يمثل نقطة البدء الصحيحة في دراسة القدرات العقلية، ونعنى به الذات الداخلية، تلك التي تشمل عالمنا الشخصى، وخبراتنا الذاتية وتقييمنا لدوافعنا وقدراتنا وقيمنا ومعتقداتنا وأفكارنا وآرائنا ومثلنا العليا، وهي -على هذا النحو- تعد الجانب الأكثر ثباتاً واستقراراً (Abou-Hatab, 2000: 1-2) 0
هذا وقد اصطلح فؤاد أبو حطب (1988: 22) على تسميه هذا الجانب بالذكاء الشخصى، وهو واحد من سبعة أنواع من الذكاءات، يشملها النموذج المعرفي المعلوماتى تمتد ما بين: الذكاء الحسي، والذكاء الإجتماعي، وقد ظل هذا التصنيف السباعي قائماً حتى عام (1983)، ثم اتخذ أبو حطب خطوة أكثر تقدماً في بحثه؛ حيث استخدم التصنيف الذي لازمه طوال السنوات التالية وحتى وقتنا هذا، والذي يقسم من خلاله الذكاء إلى ثلاثة أنواع هي :
1-الذكاء غير الشخصى ( الموضوعى ) Impersonal or objective intelligence0
2-الذكاء الإجتماعي (العلاقات بين الأشخاص) Interpersonal or Social Intelligence.
3-الذكاء الشخصى (داخل الشخص الواحد) Interpersonal or personal intelligence.
وقد أصبح لذكاء الشخصى -منذ ذلك الحين- وجود صريح علي ساحة البحث العلمي، ويعرض فؤاد أبو حطب (1991 ) لبرنامج بحثي في مجال الذكاء الشخصى، يطرح فيه مجموعة من القضايا البحثية منها تحديد طبيعة الذكاء الشخصى في إطار النموذج المقترح،وتحديد بنية هذا النوع من الذكاء للتأكد من استقلاله عن الأنواع الأخرى من الذكاءات0
وتأتي الدراسة الحالية في إطار البرنامج البحثي الذي وضعه أبو حطب (1991) لتناول مفهوم الذكاء الشخصى، وتحديد أهم الخصائص المميزة لفئاته الثلاث( فئة التطابق- فئة التفريط- فئة الإفراط) في ضوء نموذج الذكاء الشخصى كنموذج فرعي للنموذج المعرفي المعلوماتى لأبو حطب في إطار مستوي المعلومات الشخصية كأحد المتغيرات المستقلة للنموذج.
مشكلة الدراسة:
وبناء على ما تقدم يمكن تحديد مشكلة الدراسة الحالية في التساؤلات الآتية :
1- هل يختلف الطلاب ذوو الفئات المختلفة من الذكاء الشخصى (فئة تطابق-إفراط-تفريط) في دقة الأداء علي مهمة التشفير؟
2- هل يختلف الطلاب ذوو الفئات المختلفة من الذكاء الشخصى (فئة تطابق-إفراط-تفريط) في دقة الأداء علي مهمة الاسترجاع ؟
3- هل يختلف الطلاب ذوو الفئات المختلفة من الذكاء الشخصى (فئة تطابق-إفراط-تفريط) في سعة التخزين؟
4- هل يختلف الطلاب ذوو الفئات المختلفة من الذكاء الشخصى (فئة تطابق-إفراط-تفريط) في درجة التطرف في الاستجابة ؟
5- هل يختلف الطلاب ذوو الفئات المختلفة من الذكاء الشخصى (فئة تطابق-إفراط-تفريط) في استخدامهم لاستراتيجيات التشفير؟
6- هل يختلف الطلاب ذوو الفئات المختلفة من الذكاء الشخصى (فئة تطابق-إفراط-تفريط) في استخدامهم لاستراتيجيات الاسترجاع ؟
7- هل يختلف الطلاب ذوو الفئات المختلفة من الذكاء الشخصى (فئة تطابق-إفراط-تفريط) في نمط التطرف في الاستجابة ؟
هــــــدف الدراســــة :
هدفت الدراسة الحالية إلى :
1- التعرف على الاستراتيجيات المختلفة للتذكر: (استراتيجيات التشفير- استراتيجيات الاسترجاع) التي يستخدمها الطلاب ذوى الفئات المختلفة من الذكاء الشخصى (فئة التطابق-الإفراط-التفريط)0
2- التعرف على سعة التخزين لدى الطلاب ذوى الفئات المختلفة من الذكاء الشخصى (فئة التطابق-الإفراط-التفريط).
3- التعرف على مدى التطرف/ الاعتدال في الاستجابة لدى الطلاب ذوى الفئات المختلفة من الذكاء الشخصى (فئة التطابق-الإفراط-التفريط) ونمط التطرف (إيجابي/ سلبي) إن وجد0
أهمية الدراسة :
تأتى أهمية الدراسة الحالية في أنها :
1- تلقى مزيداً من الضوء على مفهوم الذكاء الشخصى-طبقاً لمفهوم أبو حطب-من حيث طبيعته وقياسه من خلال تناول المفهوم من جانبين أحدهما: معرفي يتمثل في استراتيجيات التذكر، والآخر: شخصي يتمثل في التطرف في الاستجابة0
2- ما أسفرت عنه الدراسة من نتائج يمكن تطبيقها في تأصيل مفهوم الذكاء الشخصى وتطبيقها في مجال البحث العلمى0
فروض الدراسة :-
الفرض الأول:
لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين درجات الطلاب ذوي الفئات المختلفة من الذكاء الشخصى " فئة التطابق – التفريط – الإفراط " في دقة الأداء علي مهمة التشفير".
الفرض الثاني:
"لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين درجات الطلاب ذوي الفئات المختلفة من الذكاء الشخصى " فئة التطابق – التفريط – الإفراط " في دقه الأداء علي مهمة الاسترجاع " .
الفرض الثالث:
"لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين الطلاب ذوي الفئات المختلفة من الذكاء الشخصى " فئة التطابق – التفريط – الإفراط " في سعة التخزين" .
الفرض الرابع:
"لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين الطلاب ذوى الفئات المختلفة من الذكاء الشخصى " فئة التطابق – الإفراط - التفريط " في درجة التطرف في الاستجابة" .
الفرض الخامس:
"لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين الطلاب ذوى الفئات المختلفة من الذكاء الشخصى " فئة التطابق – الإفراط – التفريط " في استخدامهم لاستراتيجيات التشفير المختلفة ".
الفرض السادس:
"لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين الطلاب ذوى الفئات المختلفة من الذكاء الشخصى " فئة التطابق – الإفراط – التفريط " في استخدامهم لاستراتيجيات الاسترجاع المختلفة " .
الفرض السابع:
"لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين الطلاب ذوى الفئات المختلفة من الذكاء الشخصى " فئة التطابق – الإفراط – التفريط " في نمط التطرف في الاستجابة".
عينة الدراسة :-
تضمنت الدراسة الحالية عينة من طلاب وطالبات الفرقة الرابعة عام بكلية التربية/جامعه بنها بلغ عددها في صورتها النهائية (440) طالباً وطالبةً، تم تقسيمهم إلي ثلاث فئات هي فئة التطابق (79 طالب )، فئة التفريط (251طالب )، فئة الإفراط (110من الطلاب ).
أدوات الدراسة :-
إعتمدت الدراسة الحالية علي استخدام الأدوات التالية :-
- مقياس للذكاء الشخصى يتكون من:
* استبيان تدور مفرداته حول قدرة المفحوص علي التذكر .
* محك خارجى فى صورة مجموعة من المهام التجريبية ذات الطبيعة اللفظية.
- مهام الذاكرة ( مهمة التشفير- مهام سعة التخزين- مهمة الاسترجاع) .
- مقياس "الصداقة – الشخصية " من إعداد : مصطفى سويف .
الأساليب الإحصائية :-
اعتمدت الدراسة الحالية لتحقيق الهدف الذي تسعي إليه، ومن ثم التوصل إلى النتائج النهائية علي استخدام الأساليب الإحصائية التالية :
- تحليل تباين في اتجاه واحد ANOVA ،وذلك بهدف الكشف عن طبيعة الفروق بين الفئات الثلاث للذكاء الشخصى في دقة الأداء على مهمتي التشفير ،الاسترجاع ،ودرجة التطرف في الاستجابة.
- اختبار شيفيه Scheffe بهدف تحديد اتجاه ودلالة الفروق بين الفئات الثلاث للذكاء الشخصى في دقة الأداء على مهمتي التشفير ،والاسترجاع ، ودرجة التطرف في الاستجابة .
- اختبار (ذ) وذلك بهدف تحديد دلالة الفروق بين كل فئتين من فئات الذكاء الشخصى الثلاث في استخدام كل استراتيجية من استراتيجيات (التشفير ، الاسترجاع)، وكذلك تحديد دلالة الفروق في سعة التخزين، وكذلك في كل نمط من أنماط التطرف المختلفة.
نتائج الدراسة:
أسفرت الدراسة الحالية عن مجموعة من النتائج يمكن إجمالها علي النحو الأتي:
- توجد فروق ذات دلالة إحصائية عند مستوي 0.01 بين الطلاب ذوي الفئات المختلفة من الذكاء الشخصى(فئة التطابق – التفريط – الإفراط ) في دقة الأداء علي مهمة التشفير لصالح طلاب فئة التطابق، يليها طلاب فئة التفريط، ثم طلاب فئة الإفراط .
- توجد فروق ذات دلالة إحصائية عند مستوي 0.01 بين الطلاب ذوي الفئات المختلفة من الذكاء الشخصى " فئة التطابق – التفريط – الإفراط " في دقة الأداء علي مهمة الاسترجاع لصالح فئة التطابق يليها فئة التفريط ثم فئة الإفراط .
- توجد فروق ذات دلالة إحصائية عند مستوي 0.01 بين الطلاب ذوي الفئات المختلفة من الذكاء الشخصى " فئة التطابق – التفريط – الإفراط " في سعة التخزين لصالح طلاب فئة التطابق يليها طلاب فئة التفريط ثم طلاب فئة الإفراط .
- توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين طلاب فئتي التفريط ، والإفراط في درجة تطرف الاستجابة ، في حين توجد فروق ذات دلالة إحصائية عند مستوي 0.01 بين طلاب فئة التطابق من جانب، وطلاب فئتي التفريط والإفراط من جانب أخر لصالح فئتي الإفراط والتفريط.
- توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين الطلاب ذوي الفئات المختلفة من الذكاء الشخصى " فئة التطابق- التفريط- الإفراط " في استخدام استراتيجيات التشفير، حيث يميل طلاب فئة التطابق إلى استخدام استراتيجيات (التخيل – التنظيم – القصة – المواضع المكانية) وذلك لتشفير المعلومات، في حين يميل طلاب فئة التفريط إلى استخدام استراتيجيتى (الكلمة الوتدية، الاحرف الأولى)، كما يميل طلاب فئة الإفراط إلى استخدام استراتيجيتى (الكلمة الوتدية ، التسميع).
- توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين الطلاب ذوي الفئات المختلفة من الذكاء الشخصى " فئة التطابق – التفريط – الإفراط " في استخدام استراتيجيات الاسترجاع، حيث يميل طلاب فئة التطابق إلى استخدام استراتيجيتي (البحث المتأني ، البحث التنظيمي الانتقائي)، في حين يميل طلاب فئة التفريط إلي استخدام استراتيجية البحث المتسلسل، كما يميل طلاب فئة الإفراط إلى استخدام استراتيجية التخمين.
- توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين الطلاب ذوي الفئات المختلفة من الذكاء الشخصى " فئة التطابق – التفريط – الإفراط " في نمط تطرف الاستجابة ، حيث يميل طلاب فئة التطابق إلى الاعتدال في الاستجابة، في حين يميل طلاب فئة التفريط إلي التطرف الايجابي للاستجابة، في حين يميل طلاب فئة الإفراط إلي التطرف السلبي للاستجابة.
|