تتناول هذه الدراسة أحد الموضوعات الهامة والشائكة فى تاريخ الفكر الفلسفى بصفة عامة ، والفلسفة اليونانية بصفة خاصة ، ألا وهو " مذهب وحدة الوجود " ، ذلك المذهب الذى يوحد الله والعالم ويزعم أنصاره أن كل شئ هو الله ، وأن الله هو كل شئ بمعنى أن الله مبدأ لا شخصى متوحد مع الطبيعة وحال فيها ، وأن الله ليس مستقلاً عن العالم ، وأن العالم مظهر من مظاهر الذات الإلهية ، وليس له وجود فى ذاته لأنه يصدر عن الله بالتجلى أو يفيض عنه كما يفيض النور عن الشمس .
إنه مذهب قديم أخذت به البرهمانية ، والرواقية ، والأفلاطونية المحدثة ، والصوفية ، فالبرهمانيون يردون كل شئ إلى الله ، ويعتقدون أن"براهمان" هو الحقيقة الكلية ونفس العالم وأن جميع الأشياء ليست سوى أعراض ومظاهر لهذه الحقيقة ، والرواقيون يقولون : إن الله والعالم موجود واحد ، وأن العالم لا ينفصل عن الله ، والأفلاطونيون المحدثون وعلى رأسهم أفلوطين يقولون : أن الله واحد ، وأن العالم يفيض عنه كفيضان النور عن الشمس ، وإن للموجودات مراتب مختلفة ، إلا أنها لا تؤلف مع الله إلا موجوداً واحداً .
والمتصوفون لا سيما " ابن عربى " يرون أن الله هو الحق ، وليس هناك إلا موجود واحد وهو الموجود المطلق ، أما العالم فهو مظهر من مظاهر الذات الإلهية ، وليس له وجود فى ذاته لأنه صادر عن الله بالتجلى .
ولمذهب وحدة الوجود صور أخرى لدى " اسبينوزا " الذى يقرر أن الله وحده هو الموجود الحق ، أيضاً وحدة الوجود المثالية لدى فلاسفة الألمان فشته ، شلنج ، هيجل ، الذين يقررون أن الله هو الروح الكلى الكامن فى الأرواح الجزئية ، ووحدة الوجود الطبيعية التى توحد الله والطبيعة .
ولقد تناولت الباحثة هذا الموضوع من خلال أربعة فصول تسبقها مقدمة وتلحقها خاتمة ، فضلاً عن أهم المصادر والمراجع والقواميس العربية والأجنبية .
- الفصل الأول : بعنوان وحدة الوجود فى الفكر الشرقى القديم ( الحضارة الهندية أنموذجاً ) .
- الفصل الثانى : بعنوان وحدة الوجود فى الحضارة اليونانية . عرضت فيه لمذهب وحدة الوجود فى الحضارة اليونانية وبخاصة فى المدرسة الإيلية لدى أكسانوفان ، والرواقية ، إنتهاءً بالأفلاطونية المحدثة لدى مؤسسها أفلوطين .
- الفصل الثالث : بعنوان وحدة الوجود فى الفكر الإسلامى ( ابن عربى أنموذجاً ) . ألقت فيه الضوء على مذهب وحدة الوجود فى التصوف لدى " محى الدين بن عربى " من خلال أعمال الرئيسة .
- أما الفصل الرابع والأخير :عنوانه وحدة الوجود فى الفكر الفلسفى الحديث (اسبينوزا أنموذجاً). فقد تناولت مذهب وحدة الوجود فى الفكر الفلسفى الحديث ، وبخاصة لدى " اسبينوزا " الذى يُعد مذهبه فى وحدة الوجود محاولة من جانبه لإصلاح فكرة الجوهر الديكارتية .
ولقد استخدمت فى هذه الدراسة بعض مناهج البحث أهمها المنهج التاريخى والمنهج التحليلى والنقدى ، ولا شك أنها مناهج تستقيم تماماً مع موضوع البحث . وفى الخاتمة رصدت أهم النتائج التى توصلت إليها من خلال تلك الدراسة . |