لم يكن هناك قلق مع بدايات شبكة الإنترنت تجاه تهديدات أو جرائم يمكن أن ترتكب علي الشبكة , وذلك نظراً لمحدودية مستخدميها في بادئ الأمر ولكن مع توسعها ودخول غالبية فئات المجتمع إلي قائمة المستخدمين بدأت تظهر تهديدات ازدادت مع الوقت وتعددت صورها وأشكالها حيث تشير التقارير العالمية إلي تنامي الخسائر الناجمة عنها علي مستوي الأفراد ومؤسسات الأعمال والدول , إضافة إلي زعزعة الإستقرار السياسي والأمن القومي علي مستوي العالم ضمن ما نشرة موقع ويكيليكس wikileaks من وثائق عن الحكومة الأمريكية تتعلق بمعلومات سرية أثارت العديد من الخلافات بين الدول والحكومات والتي تدفع لشن المزيد من التهديدات والحروب عبر الإنترنت.
لذلك تركز الدراسة بشكل أساسي علي قياس درجات تأثير تهديدات الإنترنت مثال (الاختراقات , والبرمجيات الضارة, وهجمات عرقلة الخدمة, وسرقة واحتيال الهوية, واحتيال الإنترنت, والتجسس الصناعي, والمطاردة الإلكترونية, وإهدار وقت العمل عبر الإنترنت) علي وظائف المؤسسات الرقمية التي تشمل (التسويق , الإنتاج والعمليات , التمويل والاستثمار, والموارد البشرية ) , والتعرف علي دور التخطيط الإستراتيجي في الإستعداد لمواجهة هذه التهديدات في المؤسسات الرقمية محل الدراسة.
وقد تمثلت مشكلة الدراسة في مجموعة من التساؤلات التي تدور حول كيفية معالجة تهديدات وجرائم الإنترنت من خلال مدخل التخطيط الإستراتيجي للإستعداد لمواجهة التأثيرات السلبية لهذه التهديدات والجرائم, وقد استهدفت الدراسة قياس درجة تأثير تهديدات الإنترنت علي كل وظيفة من وظائف شركات تكنولوجيا المعلومات وشركات التجارة الإلكترونية (المؤسسات الرقمية محل الدراسة), والتعرف علي مدي التباين بين آراء المديرين بهذه الشركات, وأيضا التباين بين آراء المديرين وآراء الخبراء حول درجة تأثير تهديدات الإنترنت علي وظائف المؤسسات الرقمية , وأيضاً التعرف علي مدي ممارسة الشركات محل الدراسة لمدخل التخطيط الإستراتيجي للاستعداد لمواجهة هذه التهديدات في المستقبل.
وتتكون الرسالة من قسمين ركز الأول علي الإطار الفكري والفلسفي للدراسة مستعرضاً أنواع تهديدات وجرائم الإنترنت وتأثيرها علي وظائف المؤسسات الرقمية بالإضافة إلي تجارب بعض الشركات وبعض الدول لمواجهة تهديدات الإنترنت فضلاً عن بعض النماذج والمداخل المطروحة بواسطة الباحثين لتحقيق أمن المعلومات ومن ثم المدخل المقترح (مدخل التخطيط الإستراتيجي ) للإستعداد لمواجهة تهديدات الإنترنت, بينما تناول القسم الثاني الدراسة الميدانية واختبار الفروض , فضلاً عن نتائج وتوصيات الدراسة.
ولغرض اختبار الفروض إعتمد البحث علي البيانات الثانوية بالإضافة إلي البيانات الأولية التي تم جمعها من خلال قائمتي إستبيان تم توجيه إحداها إلي المديرين بشركات تكنولوجيا المعلومات بالقرية الذكية بالقاهرة (92 مفردة من 120 بنسبة 76.67%), وشركات التجارة الإلكترونية (69 مفردة من 100 بنسبة 69%), وتم توجيه الأخرى إلي مجموعة من الخبراء في مجالات علوم الحاسب والإتصالات والشبكات وأمن المعلومات (50 مفردة )
هذا وقد ثبتت صحة الفرض الأول جزئيا فيما يتعلق بوجود تباين بين أراء المديرين بالشركات محل الدراسة حول تأثير تهديدات الإنترنت علي وظيفتي التسويق والإعلان , والتمويل والاستثمار, ولم تثبت صحة الفرض الأول جزئيا فيما يتعلق بوجود تباين بين أراء المديرين حول تأثير تهديدات الإنترنت علي وظيفتي الإنتاج والعمليات , وإدارة الموارد البشرية.
كما ثبتت صحة الفرض الثاني القائل بوجود تباين بين آراء المديرين وآراء الخبراء حول درجة تأثير تهديدات الإنترنت علي وظائف المؤسسات الرقمية.
كما ثبتت صحة الفرض الثالث القائل بأن هناك تباين بين آراء المديرين بالشركات محل الدراسة فيما يتعلق بممارسة التخطيط الإستراتيجي لمواجهة تهديدات الإنترنت.
وخلصت الدراسة إلي أن تأثير تهديدات الإنترنت علي وظائف المؤسسات الرقمية محل الدراسة كان تأثيراً منخفضاً وفقا لمقياس التأثير الخاص بالدراسة, كما تختلف درجات تأثير تهديدات الإنترنت علي كل وظيفة من وظائف الشركات محل الدراسة.كما أن مستويات ممارسة مجالات التخطيط الإستراتيجي لمواجهة تهديدات الإنترنت في شركات تكنولوجيا المعلومات كانت تفوق مثيلاتها في شركات التجارة الإلكترونية .
وفي النهاية قدمت الدراسة مجموعة من التوصيات الموجهة للهيئات والأجهزة علي مستوي الدولة وأخري علي مستوي المؤسسات الرقمية والتي تعد بمثابة توجهات مستقبلية يمكن الأخذ بها للتغلب علي تهديدات ومخاطر الإنترنت وتخفيف حدة آثارها السلبية.
كما إقترحت الدراسة مجالات بحثية جديدة لاستكمال مسيرة البحث العلمي في مجال أمن الأعمال الإلكترونية.
|