تحمل حرب السويس بين طياتها علامة فارقة في تاريخ مصر بصفة عامة، وفي مسار اقتصادها بصفة خاصة، حيث شهدت سلسلة طويلة من الصدام، وتلاحق وتتابع مستمر للعديد من الصور المتناقضة، التي أسفرت عن التقاء نهاية الهيمنة الاستعمارية مع طلائع موجات التحرر الوطني، والنصر مع الهزيمة، والتدمير مع التعمير، فلقد كانت أهم دوافع قرار عبد الناصر بتأميم قناة السويس تتمثل فى دعم الاستقلال، وتعزيز دور الدولة فى دفع عملية التنمية الاقتصادية، وتمثلت أهم النتائج التي ترتبت على مقدمات وتداعيات القرار فى سيطرة القطاع العام على جانب كبير من النشاط الاقتصادي عن طريق التمصير والاستثمار بتأسيس المؤسسة الاقتصادية، ودعم النظام الناصري بالارتكاز على الاقتصاد الموجه، وتعديل خريطة علاقات مصر الاقتصادية بتوسيعها مع الكتلة الاشتراكية. كما شهدت الأيديولوﭼية الناصرية تحولاً نوعيًا بعد الانتصار السياسي الذي تحقق باندحار العدوان، وعودة القناة لمصر بكل ما تحمله من أبعاد اقتصادية واستراتيﭼـية، وارتكز الاتجاه على فلسفة التنمية المستقلة، وتقليص الدور الاقتصادي للأجانب، ولرأس المال الحر، وتحديد خيار التوجه الاشتراكي، وتأصيل الإدارة المصرية للمؤسسات الاقتصادية، وتمخضت التجربة بكامل مراحلها، ووفقًا لإطارها التاريخي، عن تصفية بقايا ما تمتع به الأجانب من امتيازات، وتأكيد استقلال مصر السياسي والاقتصادي. |