اثر البيئة على الفكر الابداعي للنحاتين المصريين
الإنسان أحد عناصر البيئة والمكون لها، بتأثيره النسبي فيها، والمتكونة خلاله، بحكم تكيفه الثقافي معها. فكلاهما أجزاء غير قابلة للانفصال، فالتأثير متبادل، البيئة تحمل الإنسان وتحتويه والإنسان يحمل البيئة ويحتويها، ومن ثم يظل التفاعل قائماً، لاستمرارية لا تنتهي بانتهاء الزمان والمكان بحكم التواصل الإنساني والتراكم الثقافي الا أن ترجمه تفاعل الإنسان مع البيئة يحددها نمط التفاعل الذى قد يأتي تأثيره من الخارج فيتأثر الفنان في إبداعاته بالبيئة الخارجية رموزاً وأشكالاً وطقوس ومعتقدات، وقد تكون البيئة الخارجية مثيراً لتداعي الذكريات أو استبطان مخزون الذاكرة والعقل الباطن فتخرج رموز وأشكال الإنسان النحتية انطباعا عن (الأنا) رغبة في تحقيق ذات أو إشباع حاجة. أو استخداما للرمز للرغبة في التمرد على الواقع فحينما يسود الرمز في الفن النحتي شأنه شأن غيره تتنافي الحرية، الشخصية والسياسية والمجتمعية، لكي يستطيع الفنان أن يمرر فكرته إلى الآخرين معلناً التمرد.
وقد تكون البيئة المادية الخارجية محفزاً معرفياً مسرعاً لتحقيق تدفق أفكار يود الفنان التعبير عنها أو تجسيدها فيظهرها من خلال أعماله التجسيدية في حوار مع الفراغ في حدود الاتجاهات البنائية والحركية للعمل الفني، ويرتبط بذلك ما يعرف بالفن المفاهيمي Conceptual Art والفن الاجتماعي Social Art وفن الثورة Revolutionary Art والفن السياسي Political Art كما هو الحال في فنون الدول ذات الايديولوجيات الفكرية الموجهة التى يتكون من خلالها ميثودولوجيا لفكر الفنان وفلسفته في الحياة، كما هو الحال في فنون الدول الاشتراكية، أو ذات الاتجاه الفكرى الموحد لتيار ما ويرتبط بذلك أيضا الفنون الجنائزية الدينية وفي كل الحالات تظل البيئة الخارجية مثيرا للنحات، ودافعاً وموجهاً للمسار مهما حدث من تمرد الفنان عليها تظل مقوماتها وملامحها تشكل أفكاره وأحاسيسة ووجدان وهذه الورقة البحثية توضح العلاقة بين البيئة وبنائية الفكر الإبداعي في فن النحت المصري، إلا أن ما تقدم من طرح يبغي رؤية موثوقية في إطار المنظومة الأدبية لتراث الأبحاث والدراسات النحتية المحلية والعالمية. لإمكان الخروج بمقومات يمكن في ضوءها رصد وتحديد اثر البيئة على الفكر الإبداعي للنحاتين المصريين.
|
