بالنسبة للكثيرين، قد تبدو فكرة الأثاث المبني أمرًا غير مألوفاً وخالي من النواحي الجمالية، ولكن هذه الصورة بدأت بالتلاشي بعد ظهور أثاث مبنى يتسم بالجمال والدقة؛ فقد قام المصممون بإفساح المجال لمواد البناء كالأسمنت والخرسانة للمشاركة في تصميم الأثاث وتشكيله بتصميمات مبتكرة، وعدم قصر دور هذه المواد الإنشائية على الأعمدة والأسقف والأرضيات فقط، بل يمكنها أيضاً التداخل مع مواد أخرى متنوعة لتشكيل قطع من الأثاث بأسلوب مبتكر ومميز والعمل على جعله أخف وزنا وأكثر أناقة، وهو ما يعكس ذوق مختلف عن الأذواق العادية المتعارف عليها؛ لينتج نمط تصميمي مبتكر يمزج بين الاتجاه الحديث والكلاسيكي. وتكمن مشكلة البحث في كيفية عمل تشكيلات فنية أنيقة وتصميمات مميزة من الأثاث المبني من خامات الإنشاء بشكل جمالي ووظيفي؛ بحيث تتكامل وتتناسق مع التصميم الداخلي أو الخارجي للمكان، وحتى نتلاشى الشعور بالقسوة أو الافتقار إلى الجمال الذي دائما ما يصاحب المظهر الخاص بمواد وخامات البناء. ويهدف البحث إلى توجيه أنظار المتخصصين إلى الأثاث المبني بخامات ومواد البناء والكشف عن جمالياته وأنواعه وكيفية توظيفه في الفراغ الداخلي بأفكار تشكيلية جديدة ومتنوعة بشكل يثري الحركة التصميمية ويقدم حلولاً اقتصادية وجمالية مذهلة. ويتبع البحث المنهج الوصفي التحليلي لنماذج مميزة ومتنوعة من الأثاث المبني، ومن أهم النتائج التي توصل إليها البحث أنه على قدر الجمود الذي تكون عليه خامات البناء ولكنها قد تنطق بما فيها من قيم إبداعية وجمالية في التصميم بفعل مهارة المصمم في تطويع هذه الخامات وإعطاء الفرصة لها وتحويلها إلى قطع أثاث فريدة من نوعها بمظهر جمالي فخم يحقق المتانة والوظيفة فضلاً البعد الاقتصادي. غير أن السنوات الأخيرة حملت معها ولادات جديدة بالغة الإتقان للأثاث المبني تتميز بجمالية خاصة. وها نحن نشهد ولادة خط جديد من الأثاث المنفذ بالأسمنت وخامات البناء من مقاعد ومكتبات وأسرة وطاولات تثير الإعجاب وتناسب كل الأذواق بأسلوب جديد باهر وبلمسات لا تخلو من الحلم والشاعرية. |